قراءة وإضاءة في (العزف على وتر الفجيعة) مجموعة قصصية للقاصّ عادل المعموري تقديم مهند طالب الدراجي
قراءة وإضاءة في (العزف على وتر الفجيعة)
مجموعة قصصية للقاصّ عادل المعموري
تقديم مهند طالب الدراجي
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
""""""""""""""""""""""""""""""""""""
( العزف على وتر الفجيعة )مجموعة قصصية قصيرة للقاصّ العراقي عادل المعموري المجموعة هذه ذات مفارقات عنوانية مضمونية تختلف في زمكانيتها التي تتغير وفق تحولات المرحلة التي ينتقل من خلالها القاص عادل المعموري , العنوان هو أحدى القصص الموجودة في المجموعة وهو عنوان حداثوي رمزي بعيد عن المباشرة حيث جاء في قصة (العزف على وتر الفجيعة ) تكثيف زمني ومكاني محدود اذ نجد حجم اللغة يتطابق مع حوادثها الضبابية العميقة الكبيرة والواسعة وقوة التأثير عبّر النص الذي أبلغ التعبير فيه عن هذه الواقعة بشخصية منفردة عنوانها دال على مظلومية كبيرة وقعت , فأتجهت الفكرة في النص الى ضغط الواقعة واختزالها في شخصية واحدة لتعميق دلالاتها وترك مساحة نصية للمناورة بين الاحداث وشخصياتها التي تجاوزت الألفين شخص ( واقعة سبايكر ) فبدت الفكرة مشدودة وزادت في تعمية الدلالة فبدت القصة تتوارى خلف ضباب الكلمات , ونلاحظ في هذه المجموعة نصوص قصصية تتنوع طرائقها الاسلوبية تنوعا ما ينسجم مع الاسلوب الحداثوي للقصة الجديدة التي أتسمت بالسردية والأشتغال السردي أكثر من السياق القديم الحواري والخطابي , وقد أكتسبت واقع الحاضر حيث التداور بينها وبين العنوانات المطروحة , السرد الواقعي والخيالي والصبغة النثرية التي تسللت السرد في كافة النصوص والشعرية ,و ما اراده القاصّ وقصده من الاثارة والاهتمام والأمتاع وحيث نجد الحبكة وملائمة شخصيات القصة وأختيار الأحداث والجو الملائم لتلك الشخصيات التي تنتمي اليه ومن خلالها تنطلق الاحداث , نلاحظ في القصة الأولى ( رغبة مجنونة ) بدأت بسردية بسيطة لتنتقل الى حوار بين رجل يهيم بامرأة يعشقها وقد خطفها بعدما عجز عن الوصول لقلبها ,وهو يشتهي قبلة منها يتمناها بعمره , ثم يتغير مجرى هذا الحدث ليكون ذلك الحدث الأولي مجرد خيال رسمه بطل القصة في رأسه وهي امامه مع زميلة لها تتحدثان , وهذه براعة القاصّ في التحكم بنقل المتلقي بين احداث القصة بأسلوب احترافي يجعل المتلقي يعتقد انه الحدث في بداية القصة فعلا خطف ؟ حتى يكتشف اخيراً انه مجرد خيال كان بطل القصة يرسمه في مخيلته . في القصة الثانية ( من يطرق الباب ) قصة رجل عاجز عن الجماع تطلب منه زوجته الانفصال فيعمل في بستان وقد حبكت القصة بسردية لصوت واحد منفرد ثم ينقسم الصوت نفسه لأثنين يجمع بين الحوارية الخيالية والذات حول معاناة الشعور بالعجز الجنسي وتداعياته وفي الاخير ونتيجة للهوس الفكري والقلق يقوم البطل بقتل طارق يطرق بابه ونتيجة هذه الجريمة هي بسبب الاختلاء مع الذات والوحدة والوحشة والقلق . في القصة الخامسة ( سريالية عاشق مجنون) تبتدأ القصة بسرد انزياحي من خلال الذات المتوهجة في شخصية البطل الذي يعاني من حرمان اللقاء بحبيبته وتداعيات افكاره وتأثيرها عليه من خلال القلق والتوتر الذي يعيشه فقرر ان يواجه الموت من اجل حبيبته والذهاب لبيتها الذي سبق وان منعوه وهددوه لكنه يتجاوز ذلك ليلقى مصيره قرب بيتها عندما قتله حراس البيت , وهنا في هذه القصة نجد الشاعرية تتجسد في روح القصة والتجلي الفني الذي جعل الاحساس ينسجم مع الحوار الذاتي والحدث الخارجي . في القصة الثامنة ( رصاصة مشتهاة ) عن قناص تأتيه تعليمات من شيخ ( رجل دين ) يأمره بقتل أي شخص يراه في مرماه طفل امرأة شيخ شاب عسكري مدني المهم تحقيق العدد المطلوب منه 15 شخص عليه تصفيتهم, وقد تراءت له طفلة تلعب بدميتها فتذكر ابنته التي ماتت في الانفجار الذي حدث في مدرستها وماتت , وصار عنده رؤية خيالية واخرى سرابية بين ابنته والطفلة الهدف , فوجه قناصه عليها ثم تردد وهنا حدث حوار داخلي عنده بين ان يفعل وبين ان لا يفعل وقد قرر ان يفعل فاطلق النار واطلق واطلق وهي باقية تلعب بدميتها وبينما هو يتساءل ويتعجب لعدم سقوطها شعر باختلال في جسده وارتعاش فقد يبدو انه صار هدفا لاحدهم ووقع ميتا , القصة هنا تحاكي الواقع الذي ترتبت عليه الاحداث في بعض المدن التي تعرضت لهكذا نوع من القناصين , نجد الاشكال المختلفة لدى القاصّ في تدوير الأسلوب وتشكيله حيث يعتمد القاصّ على تأثيث الوضع الاجتماعي لشخصيته البطلة في نوع عمله وثقافته ونشاطه وظروفه وجنسيته وهواياته وأيضا الحالة النفسية التي يشعر بها وتداعياتها من رغبة وأمال وفكر ومزاج وانفعال وهدوء وانطواء أو انبساط , وهذا يجعلنا أمام قاص محترف يجيد التحكم بأدواته القصصية واللغوية والخيالية , المجموعة هي 21 قصة قصيرة اخترت بعض منها وألقيت الضوء على ما توصلت أليه تاركا للجمهور الأدبي أقتناء المجموعة والأطلاع عليها وقرأتها والتمتع بمطالعتها , القاصّ عادل المعموري يقوم بالقبض على اللحظات المثقلة والمعقدة للمرور من خلال هذا الجنس القصصي السردي الذي يتسم بالشكل اللغوي والتعبيري واللعب السردي وقد شق طريقه نحو رصد التحوالات الواقعية والتجديدية أيضا لجعل القصة تبدو جذابة مشبعة بالحداثة بعيدة عن الملل والرتابة والاطناب والتكرار , حيث انه صنع حيزاًللتعبير والاضمار والتكثيف والحذف والاختزال في مجموعته التي اعتمدت ابراز مفارقات الواقع وزيفه وتعكس منعطفاً حاداً لا يبالي بالمقدسات المصطنعة ولديه معادلة ابداعية تفقأ عين دكتاتور او مستبد او طاغية في سطور قليلة غير مقيد بحدود ولا يلتزم بخطوط حمراء الكل سواسية لديه في محاكاة العالم ومحو فضاءاته وسخافاته حيث يتسرب ويتوغل عميقا في ذات المتلقي ويؤثر فيه ويدفعه بحنكة القاص الى المشاركة في احداث القصة ليجعله شريكا اخرا في الصياغة كي يضم صوته معه ويشعر بوجوده داخل القصة كأنه شخصيتها , ختاما شكري وتقديري للقاص عادل المعموري على إهداءه هذه المجموعة وتوقيعه الاهداء الطيب لي أتمنى أن أكون قدمت ولو شيئا بسيطا لهذه المجموعة بما أشرت فيه من رأي نقدي وقراءاتي يتناسب وهذا المنجز الإبداعي مع المحبات والتقدير
تعليقات