القراءة السيكولوجيّة في النص النثري "على بساط النوى" - تقديم مهند طالب
القراءة السيكولوجيّة في النص النثري "على بساط النوى"
من ديوان (برديات زمن العشق)
_على بساط النوى _
للدكتور الشاعر وليد عيسى موسى
..........................تقديم مهند طالب
_ على بساط النوى _
_ 14_
صعب اصف..
ما أحلم ..
أو إن يكن ماقد ارى
أم يقظة نسج خيال
أم لاوجود لما أرى
أو أنني سحر اشم أكتب ..
أكف ..
لا من قرار اقدم...
اقارىء اكن انا
ام ناثر قصيدتي..
انت التي من وحيها
اسطر ديوان شعر أخضر .
منذ إلتقينا أولا..
تجتاحني صبابة
ولهفة تتفجر هلمي مني اكثر
.. ماذا ارى ؟. .
ويحي شفاك مابها ..
عطشى ..
يكاد يقتل
مابالها تتضور عمرا مديدا
علها قد فارقت محبة
حتى ألمَّ أديمها تشققا وتكسر
فلترتوي ...
بدوام لايتعثر
لا شبع ينتهي عنده ..
ولا له من آخر
هلمي يامن انت لي
: الاول والاخر.
من خمرة الحب
التي لكل جدب تخضر..
لنسطع نظارة..
ليل نهار نسهر
خيام عشقي
ناصبا ومعسكر بين العرائش
احتمي لااكثر
صدر الوذه طيبهُ
ألثم وجيع حلمة يكاد نبعها يصفر
ولسهل واد مزهر اتامل ..
ثم ثم ثم ..ثم ثم ثم ..
ثم فجاءة عم ألظلام ..
فما جنتي صرت اجد ..
ولم ار مليكتي
قد كان حلم ماانطفت نار له. ..
ولا كاس قد تعب
ألمقام فنام مرغم مُبكر حتى صحى ..
ماعاشه . .
يجرُّ خطو ألقهقرى ..
لامن يسامر قلبه ..
ولا من يكفكف دمعه ..
ولا من طفى له شوقه ..
هو قد أحب وظل عَوْدا
ينتظر حتى صحى ..
على صوت ديك يصدح:
إذهب ونم من تنتظر ؟
قد غادر ألذي تكد ..
شوقا له.. ولقاءه تتفسر .
ولاحرف حتى لم يقل ..
وقد نسي ان يكتب حرف لك ..
ولا اعتذر. فما جدوى حبه تحفظ..
وهو ألذي به قد كفر .
أعجب لك لِمَ لمْ تدعه يرحل ..
منذ أللقاء ألاول مما به قد اسفر من أنه :
فراشة لا زهرة بها يكتفي لها من رحيق إلا لغيرها يرتوي يطر وعسلها ينضب ..
إلا وطيبها يصفر ياويحك ..
ألنار تجتاح إلجوى ..
ولا حرف فيه تذكر ..
سموت وانحدر هو ..
ياللمحب بصدقه سقر ألهوى
به يحتفي له ينحني ويفاخر..
و لحلمك ألذي قد سرق ..
وانت حرفا لاتقل بما إستحق ألغادر..
لله درك من أصيل قد صدق .
فتحية لك يااصيل منبت ..
والطهر حس نادر .
أُقسم بدين محبتك..
لا نت عندي نموذجا
لا في ألذي كان مضى ولاحاضر..
ولا كل آت يظهر ..
له من شبيه ..
ابدا فلا يتكرر
............ (برديات زمن العشق ) .....................
مجموعة الشاعر الدكتور وليد عيسى موسى , اخترت منها هذا النص الغزلي (على بساط النوى)
مدخل على العنوان للتعريف به واحتواء هدفه ورسالته لتأويله كونه الثيمة الأولى في النص , هذا العنوان لبس البسيط, غير معقد على طريقة السهل الممتنع ( على بساط النوى ) (على) حرف جر (بساط) من الفرش ودلالته هنا الاشارة , بمعنى التحديد الكشف التعيين , ففي معجم اللغة له معان كثيرة نقتطع بعضٌ منها للتقريب (البِسَاط : القِدْرُ العَظِيمةُ _ البَسَاط : من الأرض : الواسعة _ اِفْتَرَشَ بِساطاً :- : ما يُبْسَطُ مِنَ الفُرُشِ مِنَ نَسيجِ الصُّوفِ وَنَحْوِهِ ، حَصِيرٌ . ) اما النوى فهو البعد , ونستلهم من العنوان معنى (على بساط النوى) كلام في خصوص البعد , وسنعرف ما هذا الكلام ومن خلال علاقة العنوان بالنص .
......................... (مع النص ) ..........................
صعب اصف..
ما أحلم ..
أو إن يكن ماقد ارى
أم يقظة نسج خيال
أم لاوجود لما أرى
أو أنني سحر اشم أكتب ..
أكف ..
لا من قرار اقدم...
اقارىء اكن انا
ام ناثر قصيدتي..
انت التي من وحيها
اسطر ديوان شعر أخضر .
...............................................
يبدأ الشاعر الدكتور وليد عيسى موسى هذا النص بطرح رؤية تساؤلية استفهامية ذات توهج ذاتي نابع من انفعالات حسّية تراكمت نتيجة تضخم شعوري فانفجرت ينابيع من الأسئلة , حاول الشاعر هنا أن يدرك التداعيات الشعورية , يبحث عن مسمى لها , فهل هي هواجس ؟ ظنون , هموم احزان , حيرة , انه يعلم انه لا يعلم , لأننا جميعاً عندما نكون في مكانه لا نعلم , هنالك أشياء في الحب لا تُكتب ولا تُقال , بل نشعر بها فقط , هذا من الجانب النفسي والاجتماعي , اما من الجانب الشعري واللغة , فقد اراد الشاعر أن يحدث محاكاة مع متلقيه وقارئيه , أراد أن يتجانس معهم , يشاطرهم الحيرة لمعرفة هذا الحسّ الشعوري الغامض الغريب المجهول , وهي طريقة ممتعة للتتبادل الفكري بين الشاعر والمتلقي , اما اللغة , فهي اسلوبية ديناميكية , جهد الشاعر أن تكون أدواته اللغوية ذات حَبِكْ.. سؤالي ايحائي , كي تكون مفرداته وجُمله مظهرية ذات صيغ ودلالات تقريرية تهدف الى التوكيد والالزام والاحاطة والايجاز والنباهة , لغرضية محدودة تخص الأنا والأخر والأخرين , فعندما نكتب عن شخص محدد بثوابت التحديد اللغوية التي تتقولب في شخصية معينة سيكون كل ما يلحقه ضمن التحديد , لكننا عندما نكتب بثلاثية (المرسل_ المرسل اليه _ الرسالة ) سيكون هنالك مساحة للجميع حتى وأن حددنا جزء سيشمل الاخرين منه ما ترمز اليه الاشارة , ونستطيع هنا تحديد فحوى هذا الكلام ومطابقته مع النص من خلال :
ما أحلم ..
أو إن يكن ماقد ارى
أم يقظة نسج خيال
أم لاوجود لما أرى
أو أنني سحر اشم أكتب ..
أكف ..
لا من قرار اقدم...
اقارىء اكن انا
ام ناثر قصيدتي..
..........................(مع النص .......................
منذ إلتقينا أولا..
تجتاحني صبابة
ولهفة تتفجر هلمي مني اكثر
.. ماذا ارى ؟. .
ويحي شفاك مابها ..
عطشى ..
يكاد يقتل
مابالها تتضور عمرا مديدا
علها قد فارقت محبة
حتى ألمَّ أديمها تشققا وتكسر
فلترتوي ...
بدوام لايتعثر
لا شبع ينتهي عنده ..
ولا له من آخر
هلمي يامن انت لي :
الاول والاخر.
............................................................
هنا تبدأ المقطوعة هذه بسردية ذات زمكانية ((منذ إلتقينا أولا)) فيها سطوع عاطفي متوهج بنور زهوه وهذا بحد ذاته خصوبة ذاكرة تستلهم تسلسلاً حدثياً مؤثراً نتيجة سمو بيئي بين أثنين , وهنا ينتقل الشاعر هرمياً بالتدرج القصّي للحدث , ووفق المنظور الشعري , يقوم بتوظيف مشاعره وعواطفه , لهذه الذاكرة التي يستحضر زمنها المخزون في رأسه , بينما يشير من جهة أخرى الى حالة مميزة جداً في هذا الحدث ويجعل من الظاهر فيها باطنٍ كبير , الشفاه التي فسر عطشها الغرامي الذي يُفسر القُبل واللهفة اليها نتيجة حب غامر وشعور كبير , الى تداعيات باطنية أخرى , هي انفعالات داخلية نفسية نتيجة ماضي متراكم بالحزن من الشوق لحاضرٍ يصنع هكذا لحظة , أن الغزل في الشعر لديه تراكيب خاصة وأن تشابهت الا انها جميعها تخوض في دوائر مختلفة الاحجام , وهذا هو ما يبقي الشعر مستمراً, فالتشابه بالخط غير الحجم ؟ عندما يكون الخط الدائري هو دائري سواء كان كبيرا او صغيرا , لكن مؤكد ان الفرق الحجمي , له تأثيراته بين دائرة واخرى , عند الدكتور وليد عيسى دوائره الخاصة المختلفة , التي يضع بصمته عليها بلغته واسلوبه ومنطقه الذي يعمق الصلة بين دائرة واخرى .
.....................(مع النص).....................
من خمرة الحب
التي لكل جدب تخضر..
لنسطع نظارة..
ليل نهار نسهر
خيام عشقي
ناصبا ومعسكر بين العرائش
احتمي لااكثر
صدر الوذه طيبهُ
ألثم وجيع حلمة يكاد نبعها يصفر
ولسهل واد مزهر اتامل ..
ثم ثم ثم ..ثم ثم ثم ..
ثم فجاءة عم ألظلام ..
فما جنتي صرت اجد ..
ولم ار مليكتي
قد كان حلم ماانطفت نار له. ..
ولا كاس قد تعب
ألمقام فنام مرغم مُبكر حتى صحى ..
ماعاشه . .
يجرُّ خطو ألقهقرى ..
لامن يسامر قلبه ..
ولا من يكفكف دمعه ..
ولا من طفى له شوقه ..
هو قد أحب وظل عَوْدا
ينتظر حتى صحى ..
على صوت ديك يصدح:
إذهب ونم من تنتظر ؟
...............................................................
انتقالة اخرى في النص ثالثة فمن التساؤلات ؟, الى السرد , الى الاستقراء , حيث هنا الشاعر يوثق معطيات المرحلة الفائتة ويجمع بين تفاصيلها , يهدف الشاعر الى تقطيع مراحل النص تنازيلياً من الاعلى الى الاسفل , فيجر الاحداث وفق منظور ايديولوجي يعيشه اغلب الناس في علاقاتهم الغرامية البداية الاحداث ثم تليها النهاية , وهذه سمات قصّية واردة في بنية الشعر وكينونته , تُعتبر من بديهياته , ففي هذه المقطوعة نجد جانب الشاعر يتحدث عن شخصيته الشعرية هنا وما يرافقها من تداعيات , فالجمالية في الترتيب والحبك والتوظيف , تعطي انطباعاً جميلاً لدى القارئ وهو يخوض مع الشاعر نصه الغرامي يتعايش مع تفاصيله , ويدرك بعضها من خلال تجاربه ايضاً , لذلك الشعر دائماً محاكاة مع المتلقي , لأن الجميع يعشق والجميع يقع في الحب .
............. (مع النص ) .......................
قد غادر ألذي تكد ..
شوقا له.. ولقاءه تتفسر .
ولاحرف حتى لم يقل ..
وقد نسي ان يكتب حرف لك ..
ولا اعتذر. فما جدوى حبه تحفظ..
وهو ألذي به قد كفر .
أعجب لك لِمَ لمْ تدعه يرحل ..
منذ أللقاء ألاول مما به قد اسفر من أنه :
فراشة لا زهرة بها يكتفي لها من رحيق إلا لغيرها يرتوي يطر وعسلها ينضب ..
إلا وطيبها يصفر ياويحك ..
ألنار تجتاح إلجوى ..
ولا حرف فيه تذكر ..
سموت وانحدر هو ..
ياللمحب بصدقه سقر ألهوى
به يحتفي له ينحني ويفاخر..
و لحلمك ألذي قد سرق ..
وانت حرفا لاتقل بما إستحق ألغادر..
لله درك من أصيل قد صدق .
فتحية لك يااصيل منبت ..
والطهر حس نادر .
أُقسم بدين محبتك..
لا نت عندي نموذجا
لا في ألذي كان مضى ولاحاضر..
ولا كل آت يظهر ..
له من شبيه ..
ابدا فلا يتكرر
..............................................
النهاية , ككل النهايات , لكن لكل واحدة منها لون وطعم ونكهة مميزة حزينة سعيدة سيئة مفرحة , هي نهاية , قبل الخوض في هذه النهاية هنالك تداعيات اخرى طرحها الشاعر ,( جدلية ) ما بين الماضي والحاضر والقادم ؟ تنطلق هذه الجدلية من شرارة اللحظة الاولى , عندما تحقق عنصر المتعة باللقاء حيث كانت الجدلية قائمة بذات الشاعر بصبغة الامساك , الامساك بالحب بقوة والتأثر به , ثم تلاها الاستدراك والاستقراء واخيرا النهاية , ما يثير الامر اكثر هو الفقدان , فهذا الخوف قائم حتى بوجود الوضع المستقر , يبقى الخوف قائماً وعندما يقع , يحدث كل هذا التجلي من الالف الى الياء , تجلي صوري شعري بيئي سيكولوجيّ ذا مخلفات حسّية انفعالية حزينة , توثث في الذات مفهوم الولاء البقاء تحت التأثير الوفاء للحدث حتى بسلبياته , وما نجده في هذه المقطوعة الاخيرة , يعكس لنا حالات ذات عوامل نفسية مؤثرة في الذات , يقوم الشاعر وليد عيسى هنا بتأليه هذه الحبيبة وتقديس لحظاتها التي يعتبرها رمز كبير في مكنونات اسراره , بل انه يمنحها الامتداد الروحي الطولي الزمني لبقية حياته , ومصدر ذلك تداعيات اللحظة الغامرة والرفقة الجميلة واللقاء الثري العميق في حياته , مما يعكس لنا عمق مفرداته وصدقها , فهو بين ما يتدفق منه وبين الواقع يعيش الكثير من المفارقات , لكنه , يمنح لبقائها القداسة في الذات , النص هذا ذا سيميائية لا تتوقف عند حدود السردية والشعرية بل ترمي الى تناول مجالات اخرى في توظيف العلامات داخل النص , العلامات التي تؤشر الى محتوى أو موقع مهم داخل النص يفضي الى دلالات معرفية مهمة يضعها الشاعر من اجل تحديد المهمات الضرورية المميزة في حيثيات النص , من استغراقات وايحاءات وانزياحات يكون وجودها بصفة اللاوعي نتاج قلق أو خوف أو تراكم نفسي .
ختاماً , هذه قراءة في النص تناولته وفق منظور سيكولوجيّ ما بين النص والشاعر والمتلقي وعوامل التأثير التي تطلق الرؤى داخل النص .
تعليقات