القاصّ علي الحديثي - العراق - الأسيرة
الأسيرة
بغزارة العرق يتصبّب منها، مقلبة نظراتها بين الوحوش التي كونت
حولها حلقة لا باب لها..أشبه بحلقات هنود الحمر حول ضحاياها،
بينما كنت أنا واقفا على مسافة ليست بالبعيدة عنهم وإن لم
يروني، مرتقبا اللحظة التي أحاول إنقاذها فيها... فاختبأتُ خلف
جدران العقل الذي أغراني بعظمته ومتاهاته....اختبأتُ ولكن ما إن
وقفت حتى تهاوت فوقي من دون أن استطيع فعل شيء، وليت
هاربا وأنا بين الخوف من أن يروني وبين الحيرة في البحث عن
طريقة لإنقاذها، تنفست الصعداء حينما لاحت لي شجرة تجمع بين
الضخامة والكبر والجمال والفتنة، فما راودني شك بأنها شجرة
القلب
كانت كافية لأختفي خلفها من دون وجل، وبرغم استتاري الكامل
عنهم إلا أنني كنت أضم بعضي إلى بعض ولكن ماذا جرى ؟ ماذا
حدث ؟
هبت رياح خفيفة، فإذا بالشجرة هباء منثور.. كأنها ورقه يابسة
اعتصرتها يد أحدهم، إلى أين اذهب؟ أين المفر؟..صرت إمامهم، لا
يفصلني عنهم شيء، ولولا انشغالهم بأسيرتهم لرأوني لا محالة،
أيقنت أنني مرئي بمجرد أن ينتهوا من رقصهم وهرجهم.
ـ عظيم.......
صرخت بصوت كاد يسمع، عندما خطرت في ذهني فكرة جداً
عظيمة
وهي إن أبني سياجا من كلماتي أتوارى خلفه، لم أتباطأ مشمراً
عن ثياب الجد ورحت أبني .. أبني، ليال تلو ليال تمضي وأنا أبني
حتى شغلني عن الأسيرة نفسها، ناسياً وأنا في نشوة البناء جدار
العقل الذي تهاوى، وشجرة القلب صارت في طي الذكريات، فجأة
ولما قاربت من الانتهاء وكان سياجاً عظيما لم اشعر إلاّ بالوحوش
تتجه نحوي، والأعجب أن الذي ترأسهم هي الأسيرة ذاتها ...
ارتبكت فزعت ...... ماذا افعل؟ لم أجد إلاّ أن اسلم قدمي للريح
ولكن فوجئت بالسياج الذي بنيته قد حال بيني وبين الهروب
............
تعليقات