الكاتب إيهاب بديوي - ( أهواك )




( أهواك ) 3-12-1993
سرت في طريقي أبحث عن منفذ أمر منه هاربا من نفسي. ارتفعت الأصوات مذياع خلف آخر. تارة يذهب الصوت خلف جدار مسمط وتارة يجتمع أكثر من جهاز في مكان واحد فتتوحد المشاعر وتستمع الأذن منتشية.
( واتمنى لو أنساك )
جراح كثيرة كنت أظنها قد اندملت بدأت في النزف مرة أخرى. قبضة في الصدر أخذت تزحف وتزحف حتى تكاد تتمكن مني.
( وانسى روحي وياك )
لا أدري ما هذا الشيء الذي يتملكني؟ ما الذي يحدث حولي حتى أصل إلى هذه الدرجة من التشاؤم وعدم الرغبة في مواصلة الرحلة خلف الطموحات في سبيل الألم الكبيرة.
( وان ضاعت يبقى فداك. لو تنساني )
أية قوى على وجه الأرض يمكن أن تعطلني لابد أن تنبع من ذاتي حتى تتمكن من إيقافي بوضع القيود المحكمة في كل أجزاء جسدي القادرة على الحركة.
( وانساك. واتاريني بانسى جفاك )
نعم ضربات الحياة المتعاقبة شديدة التأثير لكنها لا تستطيع أن تؤثر في ظاهري مهما كان عنفها. يستطيع الجسد أن يتحمل. لكن رد فعل تلك الضربات عندما يهزني ويزلزلني . يجعل التعايش معه مستحيلا.
( واشتاق لعذابي معاك. أرجع تاني )
هذا الذي بين يدي هو أنا. ليس إنسانا آخر. أنا الأحلام الكبيرة والأهداف الواضحة والطرق المستقيمة. أنا الشمس المشرقة بعد طول ليل. أنا الساعي للقاء عند أول إشارة قدرية.
( في لقاك. الدنيا تجيني معاك )
إلى أين أنا ذاهب الآن؟ هل لأبيع أول الأحلام وأحصل على الثمن من فوري؟ ولو كان الثمن مستقبلي؟ ولو كان الهدف الأسمى من وجودي؟ هل أنا ساع الآن لنيل الرضاء من إنسان طالما انتقدته. كم مرة نظرت إليه في ازدراء أستنكر كل ما يفعل. الآن أنا أبحث عن رضائه!
( ورضاها يبقى رضاك )
كيف سأتمكن من مواجهة نفسي بعد اليوم؟ لابد ستلعنني مبادءي كل لحظة حتى تموت لأنني يجب أن أعيش. لم يشفع لي تفوقي في الدراسة وسنوات التعب والسهر لأحقق حلمي أن أصبح قاضيا أحقق العدل بين الناس وأرفع راية الحق. اليوم أسعى إلى لص فاسد كبير لأحصل منه على خطاب وساطة يرفعني ويحقق حلمي... القاضي باللص؟.!!!
( وساعتها يهون في هواك طول حرماني )
هل سأستطيع أن أرفض طلبا له؟ أو بمعنى أدق. أمرا حينها. سيُذكِّرني؟ وهل سأنسى؟! لماذا أبيع الآن أخلاقي ومبادئي؟ حقا الثمن كبير جدا. إنه كل شيء أعيش من أجله.. لكن الدرب قد تغير والظلمة بدأت تنتشر. حقا إن الليل هو الآخر بدأ يسيطر على الوجود في غفلة مني. إذن.. الموعد يقترب.
( والاقيك مشغول وشاغلني بيك )
تراه مشغولا بي؟ لابد أنه يخطط لبعيد. كم إنسانا اشترى أحلامه مقابل ضميره؟ إنه الوباء المنتشر الذي لا يدمر إلا الضعفاء والفقراء.
ماهذ؟ هل هو أعمى؟! كيف يصطدم بي بكل هذا العنف؟ أمر غريب! لماذا ينظر لي هكذا؟ يريد أن يقول شيئا.
( وعنية تيجي في عنيك
وكلامهم يبقى عليك
وانت تداري )
لقد ابتعد إذن. لا يهم. الموعد يقترب والليل قد تمكن من كل شيء. تراه قد تمكن مني أيضا؟ أشعر بانهيارات هائلة تدور في داخلي.
هل أنهار؟ كيف سأتمكن بعد ذلك من إقامة العدل؟
في نفس اللحظة. دوَّى صوت انفجار هائل.
يا إلهي ما الذي يحدث؟ قنبلة أم زلزال؟ هل أنا الضحية هذه المرة؟ يا إلهي إنني أحترق...
( واراعيك.. واصحى من الليل اناديك
وابعت روحي تصحيك
قوم ياللي شاغلني بيك
جرب ناري..... )
إيهاب بديوي

تعليقات

المشاركات الشائعة