الكاتب حســـين الســـاعــــدي - العراق - بغداد -الــدكـــــتور .... الـدكــــتاتــور

الــدكـــــتور .... الـدكــــتاتــور
بقلم // حســـين الســـاعــــدي
************************ 
ان الذي يحدد المحتوى النوعي ما بين (الدكتور ) و (الدكتاتور) ليس التقارب اللفظي بين الكلمتين وانما المحتوى الانساني وشتان ما بين الاثنين ولكن الواقع يشير الى غير ذلك في زمننا الحاضر وذلك عندما نسى او تناسى (الدكتور) مهنته الانسانية والتي هي رسالته اتجاه الانسانية عامة دون ان ينظر الى الانسان صغيرا ام كبيرا ,غنيا ام فقيرا ,اسودا ام ابيضا . فهو رسول الله الى الانسانية ليخفف عن معاناتها وماسيها خاصة وانه ملزم بالقسم الذي اداه حين تخرج من كلية الطب وهو قسم الطبيب اليوناني ابقراط (460/377 قبل الميلاد) الذي حدد فيه مهمة الطبيب وواجبه اتجاه الانسان والانسانية حين قال (إني أقسم بالله رب الحياة والموت وواهب الصحة وخالق الشفاء وكل علاج....الخ) فطبيبنا كما يحلو لنا ان نسميه ، قد حول مهنته الانسانية الى تجارة رابحه ، واصبح ينافس التجار في سباقهم نحو المال والتجارة الرابحة فتجارة المرض لا تخضع الى تقلبات السوق وارتفاع وانخفاض سعر صرف الدولار خاصة ونحن نعيش في زمن اصبح فيه المرض ملازم للفرد العراقي نتيجة ما يعانيه من ويلات الحروب والارهاب وما أنتجته من مآسي تقتضي من اطبائنا ان يضعوا مرضاة الله نصب اعينهم وان يتساموا فوق كل مغريات المال . والثراء على حساب الآم الاخرين . فبدلا ان تمتد يده الرحيمة الى المريض حتى يخفف الآمه وهو ماسك سماعته الطبية. وضع في يده سوطا يجلد به المريض .. وسوطه لا يفرق بين مريض غني او مريض فقير. فسوطه فاق سوط (الدكتاتور) بشاعة , فنلاحظ اجوره المرتفعة والذي ليس فيها استثناء بين غني وفقير , وحسب موقع عيادته وسعتها والديكور الذي تحتويه وسكرتاريته التي تتقدمها سكرتيرته الجميلة التي تتمتع بدبلوماسية عالية في تعاملها مع مرافق المريض وليس المريض ,وتنظيمها لأدوار المرضى ودخولهم الى صالة الدكتور بعد ان تعقد الصفقات بين المرافقين للمرضى ايهم يدفع اكثر حتى تكون له الاولوية في الدخول الى الدكتور . وفي بعض الاحيان تأخذ من المريض اذا كان وضعه المادي جيد اعلى من (كشفية) الدكتور اما المريض الفقير فله (الله) وينتظر الساعات الطويلة التي تزيد من سوء حالته الصحية . هذا الذي ذكرته جانب اما الجوانب الاخرى فحدث ولا حرج فان بعض الاطباء وسع عيادته ليضيف اليها مختبر وصالة أشعة وسونار ومفراس وصيدلية لا تحتوي الا على الادوية ذات الماركات الاجنبية فنلاحظ الدكتور يجبر المريض على اخذ اشعة او سونار او مفراس او تحليلات مرضية في المختبر في حين قد يكون المريض لا يحتاج ذلك ولكن لا حيلة له . هذا جانب اما اذا كان الدكتور لا يملك كل ذلك فانه يتعامل مع مختبرات وصيدليات يجبر المريض على التعامل معها وليس غيرها على ان يجلب له ما اشتراه من ادوية وما قام به من تحليلات مختبرية ونتائجها .وهذا الدكتور عندما يتعامل مع هذه الصيدليات والمختبرات تكون له نسبة مادية من الإكراميات والهدايا العينية . وهناك نوع اخر من الاطباء يستغل المريض عند مراجعته الى المستشفيات العامة الحكومية ويخبره بان يراجعه الى عيادته لكي يفحصه بشكل دقيق واذا تطلب الامر تحليلات مرضية فانه سوف يعطيه قصاصة ورق تكون له الاولوية في مراجعة المستشفى العام ويكون متفضل على المريض . اما الدكتور الجراح فانه يجبر المريض بصورة غير مباشرة على ان يعمل عمليته في مستشفى خاص وليس مستشفى حكومي وذلك بعد ان يبين للمريض سوء صالة العمليات واجهزتها . 
كتبت هذا وانا عندي بعض التصورات عن عمل الاطباء وهي ان الكثير منهم نسى او تناسى الجانب الانساني في مهنته ونكث بالعهد الذي قطعه على نفسه اتجاه المريض وعندما اقرأ قسم الطبيب اليوناني ابقراط قبل اكثر من الفين وخمسمائة سنة احس ان ابقراط الذي يسمى (ابو الطب) وتلامذته الذين اقسموا على العهد هم اكثر انسانية من اطبائنا .ولا ادري قد يكون هذا القسم نابع من الفلسفة اليونانية القديمة التي جعلت من الانسان قيمة عليا وهدف عظيم . فطبيبنا اليوم في العراق يمارس سلطته على المريض وخاصة طبقة الفقراء الذين لاحول لهم ولا قوة بشكل ابشع من سلطة (الدكتاتور) فالإنسان قد يكون مخير في وجوده تحت سلطة الدكتاتور ورفضه لهذه السلطة اما المريض فان مرضه يجبره على الاستسلام لإرادة الدكتور شاء ام ابا ذلك والمثل الشعبي يصف حال المريض (اشوازاك على المر غير الآمر منه) ان الذي يدفع الاطباء الى ممارسة هذه الاساليب هو فشل الدولة في وضع تأمين صحي جيد ضامن للمجتمع والفرد وحاميهما من جشع الاطباء مع وضع الضوابط التي يجب ان تلزم الطبيب بأداء واجبه على اكمل شكل اتجاه الانسان . ولكن اقول (لـــو خليــت قلبـــت ) ..

تعليقات

المشاركات الشائعة