قراءة في القصة الومضه المفتوحة / تقديم مهند طالب الدراجي القصة الومضه _الكاتبة فاطمة الزبيدي (أمومة)
قراءة في القصة الومضه المفتوحة / تقديم مهند طالب الدراجي
......................................
أمومَتُها متَرَعَةٌ .. سَقَتْهمْ عَسَلَ المودةِ , والرحمة, كَرَعَتْ حنظلَ
الوحدة.
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
تعريف بسيط ومختصر عن الومضه القصصية المغلقة والمفتوحة ,
والفرق هو العدد ففي المغلقة لا تتجاوز
الثمانية كلمات (وانا شخصيا اختلف في ذلك ) لكن هذا ما اقرّه
مؤسسي هذا الجنس بينما في المفتوحة
يتجاوز العدد ثمانية , اما مقومات هذا الجنس فهي (التكثيف
والتركيز
_ الحوار بدل السرد_الإيحـاء _المفارقة).
وهذا يعني أننا امام قصة الومضه المفتوحه لأن عدد كلمات القصة
هي تسعة كلمات وممكن تكون عشرة
وخمسة عشر , يقول الناقد الأرجنتيني راوول براسكا, مميزات
القصة القصيرة جدا هي في ثلاثة أركان
جوهرية , وهي: (الثنائية - المرجعية التناصية - انزياح المعنى) وقد
أستقر رأي الاغلبية على ان عدد كلمات
هذا الجنس لا تتجاوز الـ (50) كلمة أو الـ (45) بالنسبة لـ ق ق ج .
..........................................................................................
الأمومة بشكل عام صفة أنسانية فطرية موجودة عند المرأة ,
..........................................................................................
الأمومة بشكل عام صفة أنسانية فطرية موجودة عند المرأة ,
فعندما
تخبرنا الكاتبة أنها مترعة , هنا تضيف لنا
خصوبة من الاهتمام والرعاية والاحاطة والحماية والتوسعة والتركيز ,
وجاء في المعجم معنى مترعة (
الامتلاء) = كَأْسٌ مُتْرَعَةٌ : مَمْلُوءةٌ / فقد اعطت هذه الأمومة كل ما
تملكه ويعني هذا الكل احاطة خارجية
وداخلية ليس هنالك فراغ او اهمال او نسيان , فالكل شمولي تام ,
وهذا ما يعني الوصف التأويلي لـ (أمومَتُها
متَرَعَةٌ) .
(( سَقَتْهمْ عَسَلَ المودةِ , والرحمة)) السقاء هنا ليس بالضرورة أن
يكون (الشرب ) بل يمكن أن يكون التزود
فطالما أن الخطاب جاء (سقتهم ) فهي زودتهم بكل ما عندها مما
في جسدها (الرضاعة ) أو الحنان والعطف
والمحبة والاهتمام والرعاية وايضا الطعام يمكن ان يكون ضمن هذا
السقاء فيكون المعنى مكثقف يشمل كل
قنوات التزود سواء كانت قنوات الغذاء أو الرعاية المعنوية .
((كَرَعَتْ حنظلَ الوحدة.)) نعم انها الطبيعة الانسانية التي يحتاجها
كل انسان , يحتاج ان يُشار الى جهوده
ولا يتم تجاهلها , فكيف بالأم التي لا يمكن تحديد عطائها وبذلها ,
كيف بها إذا هُمّشت بعد حين ؟ النص واضح
وغير معقد وفيه فصاحة اللغة وللأشارة للأجزاء الفصيحة نجد كلمة
(متَرَعَةٌ ) رائعة بمعانيها ومناسبة لبيانها
تستحق هذا التوظيف اللغوي الجميل اما التوظيف الآخر فهو في
كلمة (كَرَعَتْ ) وهو اجمل استخدام
وتوظيف مررت عليه , رائع جدا ومتين , بدليل ان معنى كرع يعني
شرب مباشرة بدون استخدام يديه أو
واسطة شرب اخرى كالقدح أو ما شابه ذلك , وهنا تُشير الكاتبة
الى
أن شخصيتها في القصة شربت الوحدة
أي أنها عانتها مباشرة بدون تدرج أو تواتر بطيء , وهذا يعكس لنا
قدرة الكاتبة على الوصف وتحكمها في
تعيين معناه كما تراه أو تشعر به .
الرؤى :
في هذه القصة الومضية المفتوحة , قدمت لنا الكاتبة فاطمة
الزبيدي
رؤيتها التي نسجت حبكتها من خلال
الأم ومعاناتها بعد أن يكبر ابنائها وينشغلون في حياتهم , فعندما
كانوا صغاراً كانت هي ملاذهم وهي كهفهم
وحاميتهم , لكن ؟ لا تجري الأمور دائما كما تريد الأم ان يبادلها
ابنائها
, ويهتمون بها ويسلّونها في وحدتها أو
يتكفلون بسعادتها , كما فعلت ذلك لهم , ومن هنا نشعر بعمق تلك
العاطفة وكيف تبدأ وكيف تنتهي ,
وتداعيات ما بعد الانتهاء , هذه التداعيات تولد شرارة الاحساس
القوي , ومع ذلك تبقى الأم صامتة وتكتفي
بسعادتهم دون سعادتها . القصة جميلة شكلاً وبناءً ومحتوى ,
وتعكس واقع أغلب الأمة والمجتمع في كل
مكان من هذا الكوكب .
انتهى
تعليقات