القاصّ عادل المعموري - العراق - الـــــــورقة الأخـــــــيرة _قصة قصيرة __



أخشى أن تنوس روحي شيئاً فشيئا وتفر الفراشات من نبضي عند 

سقوط أول ورقة خريف _الشاعرة سلوى فرح _
______________________
الـــــــورقة الأخـــــــيرة _قصة قصيرة __

ابتسامتهُ توغلت في أعماقي،صورة جميلة مزّقت حجب السكون القابع في خرائب ديري العتيق ،غابت المرئيات ولم يتبق سوى صورة ابتسامته العذبة تدق أ جراس عواطفي الذبيحة ،لإول مرة أشعرُ أن لي قلباً بنبض ..قلب يرتجف وسط أضلاعي يحملُ شوقاً جارفاً ،قضيتُ شطراً من ليلي أفكرُ فيه وأشحذ ذاكرتي كي أعيد رسم الابتسامة ..لا أريد أن أشعر بالوهم والخيال ،فقد استنزفَ مني الخيال الكثير من حظوظ الواقع ..حتى غدا كخيط واهن بين واقع معاش وخيال جامح 
،،الآن أنا أمام حقيقة واقعة لا لبس فيها ..ابن الجيران ابتسمً لي..أدركتُ بحواسي المهووسة به أني لم أكن أعطي لنفسي الحق في اقامة علاقة حب مع هذا الشاب ،،كلما مرّ من الزقاق .كان لايرفع عينه في وجه أحد ..ولم أسمع من الناس والجيران أن له علاقات نسائية مع أحد ،،فما الضير أن يحبني وأحبه ؟..أنا لست واهمة ..كان ينظر إلي وثمة ابتسامة رائعة تنتشر فوق شفتيه ..صف أسنانه البيضاء كان مشعاً يحمل فوق تلك الشفتين حب كبير ..قرأتُ في عينيه أنه يهواني وأني لم أنتبه له قبل هذا ..كانت نظرات عينيه..تعاتبني ..كل يوم يذهب إلى الدوام .. كنتُ أعرف موعد خروجه في الساعة والدقيقة ..أنظرُ إليه من ثقب النافذة المطلة على وجه الزقاق ..أو من فتحة الباب الموارب 
يفتحُ الباب ويخرج ببدلته الزرقاء وربطة عنقه الحمراء ..تزهر على شفتيّ ابتسامة تتأرجح بين عبق الشوق وضباب الحيرة ..أجنحة الحب تخفق.. جناحان يتسابقان في الفضاء .أتوغل في ثوب الأزل ..أصحو على دغدغات ابتسامة تنبض بالوله تنفث عبيراً ملائكياً يعانق شواطئ البوح
روحي الشفيفة تقفز مع فراشات تعانق أوراق ربيع آت ..ارتمت نوارس أحلامي في عمق المجهول ..أيمكن لابتسامة أن تخلق كل هذا التوازن الكوني وتغير مذاق الأ شياء عندي ..هل تشرع سفينة الآهات في الابتعاد عن شواطئ العدم ؟هل ستزهر روحي من جديد ؟
اللوعة بين ضلوعي من بزيلها ويطفئ نار الشوق .. أقضي ليلي مسهدة الجفن لا يقر لي قرار ..
منذ سنين بعيدة موغلة في القدم وأنا أبحث عن برقة سماوية تنير درب سفينتي التائهة وسط الامواج ..دموعي التي خباتها في مستودع الأحزان .. 
وبراعم الزنبق التي زرعتها ، غطتها أمواج النسيان وجفاء النهر الذي انطمر في شقوق الأرض اليباب ..أخواتي البنات تزوجنَ الواحدة بعد الأخرى .سافرن هن وأزواجهن ألى عوالم أخرى .إلّا أنا أتنظر من سنين ..غيث مطر ينهمر ليسقي أرضي العطشى ويبلّل أهداب جفت فيها دموع غادرتها منذ عهود لاتسعفني الذاكرة بها
مداعبة رفيف الأحلام ونشوق الشوق أوقضت البركان الثائر فاستيقض معها حارس الشمس ليصنع لي كرنفال باسمي وحدي..لطالما عانيت من فقد من يطلب يدي ..كلما تزوجت أخت لي ..قلت سيحين دوري واتزوج ..السنين تترى والجسد الممشوق يذبل كلما لاح ليل ساج ..مالذي يمنع الرجال من طلب يدي ؟أنا جميلة وأجمل من أخواتي أيضا ..يالتعاستي وسهدي وعذابي ..سيعود من دوامه وسأراه .ولكنه لن يراني ..من أدراه أني انتظر عند النافذة ..وأني أتطلع إليه كل يوم ..كيف أُشعرهُ اني موجودة وأني أنتظره وأن لاشيء يعنيني في هذا الكون غيره ..قبل أن يطرق الباب ....قذفته بحصاة صغيرة سقطت عند قدمه ..لم ينتبه كان وجهه إلى الباب الموصد ..رمتيه بحجارة اكبر منها
انتبه أنها سقطت عند مقدمة حذائه
..التفتَ إلى الوراء ثم يميناً ويساراً ..ولمّا لم يجد أحداً أعاد الطرق ثانية ..فتحتُ الباب وخرجت واقفة عند
العتبة ..التفتَ إليّ.. لم تنم ملامحه عن شيء كانت نظرتة لاتحمل أية مشاعرأو هكذا ُخيل إلي ..عادَ يلصق وجهه بلوح الباب الحديدي ..ظللتُ واقفة ..عيناي تمشطان الزقاق خشية أن يراني احد .قلت له بصوت مختلج جاهدتُ كثيرا في أن يخرج صافياً رخيماً __:اطرقْ الباب بقوة ..لعلهم نائمون ..رفع رأسه وفوجئ بوجودي أمامه مباشرة وتمتم قائلاً .
__ربما ..
__الجو حار اليوم كثيراً ..هل أجلب لك كأساً من الماء .
__لا شكرا .
.انفتحَ الباب وغابَ في الداخل ..حتى أني لم أشاهد من فتحَ له الباب ..أنا أعلم أنه يعيش مع والديه وأخ له صغير في الإبتدائية .. كنتُ أتمنى أن يطول الوقت ويجود الزمان بوقت اضافي كي أراه جيدا.ً. أتملّى من طوله الفارع ووسامته المثيرة .. فكرتُ أن أكتب له رسالة في الليل ..ولكني استصعبت كيفية التسليم.. من سيتسلم الرسالة وبيد من سأرسلها .ماذا سأقول له ؟بعد ان مر وقت طويل من تلك الليلة استطعتُ أن أكتب له عدة كلمات مقتضبة .وضعت فيها بعض العطر ولففتها بخيط حرير ..عصر اليوم التالي.. انتهزتُ وجود أخيه الصغير يلعب عند طرف الزقاق ..في غفلة من أمي..أرسلتُ في طلبه ..جاء الصغير يجري نحوي ..قلت له كلاماً كثيرا وكان يهّز برأسه ..اعطيته الرسالة ودسستُ له معها عملة ورقية ..انفلتَ راكضاً ودخل البيت ..انزويتُ خلف الباب الموارب أ ترقبُ باب البيت ..أعلم انه في الداخل وأن الوقت أشرفَ على جنوح الشمس بعد نها ر قائظ ..مرت الساعات وأناأ ترقب بعينين وجلتين الجواب ..لا يعنيني في هذا الكون الشاسع سوى الرد من حبييبي المنتظر ..عيناي مازالتا تلتصقان بالباب ..انتظرُ منه جوابا ..الزقاق فرغ من الناس والصبية أووا إلى مساكنهم ..والمصباح المعلق في أعلى الباب كان يوضّح لي الرؤية بشكل يبهجني ويبعث الدفء في سريرتي ..ياترى هل استنشق عبير رسالتي ؟هل هو الآن يقرأها حرفاً حرفاً ..كم افتقرُ الآن إلى مطر يبلّلني من رأسي حتى أخمص قدمي ..اني أحن الى غمرات فيض حبه لي كما أشعر أنا ..سأحلقُ عاليا ً على أجنحة المطر كي أتوّج نفسي ملكة وتزهر أكاليلي ..ابتهالاتي أجراس تدّق في رأسه الآن ..سيثمل من عبق كلماتي وستورق أوراق الشوق في قلبه ..
انفتحَ الباب ..خرجتْ ملتفعةً بعبائتها ..إنها أمه..بيدها ورقة مطوية ..ملامحها تنبيء بالقسوة والغضب ..أنها تتجه صوب دارنا تقترب
من الباب ..تطرقهُ بشدة ..أسرعتُ بفتح الباب لها ،نظرت إلي طويلاً ثم أطلقت رصاصتها علي :
__كيف سمحتِ لنفسك أن تكتبين لإبني ..الاتخجلين من نفسك .؟!.
__أدخلي ياخالة ..ارجوكِ استري علي .
__أنتِ امرأة مستهترة .. ..كيف تظنين ان ولدي سيتزوج من إمرأة بقدرعمر إبنها ..
قامت بتمزيق الرسالة ورمتها بوجهي ..آه لو أعرف سبباً لبكاء أحلامي وضياع تغريدة صوتي في رماد سنيني ..وانبعاث أنين جراحي ..عادَ الجرح ينزف ثانية .غمرني الحزن و استباحَ كبرياء انوثتي ..تركتني استحمُ بدموعي ..لعلَ الدمع يشملني كلياً ويغسل ذنوبي ..وان كنتُ لا ذنبً لي سوى..... أني إمرأة.
بقلم / عادل المعموري

تعليقات

المشاركات الشائعة