الرفض في شعر مؤيد عبد الزهرة" بقلم د. أمل الأسدي



الرفض في شعر مؤيد عبد الزهرة" 
بقلم د. أمل الأسدي
 إن الرفض سمة يتميز بها الخطاب الشعري لدى الشاعر مؤيد عبد الزهرة، والرفض هو ظاهرة المواجهة والتصدي والتمرد على الواقع، ويراه أدونيس تجاوز الواقع الى واقع أفضل، فما من ثورة أو حضارة جديدة من دون رفض يتقدمها، فالإنسان الرافض هو الإنسان المتمرد ، والإنسان المتمرد بحسب ألبيركامو هو الذي يصرخ بـ(لا)،ومؤيد عبد الزهرة الإنسان( الشاعر) رفض في خطابه الشعري الواقع الذي يعيشه والذي شخص أبعاده بوعيه وبصيرته النافذة وذكائه وجرأته، لذا رفض الواقع الاجتماعي والسياسي والديني متناولاً مظاهر الحياة السلبية ومايمر به العراق على صعيد العلائق الدولية والاجتماعية والمعتقدات والتقاليد ، وهو رفض حضاري بعيد عن الرفض السلبي الذي لا فائدة منه، ولعل المتلقي لنصوصه قد يجد فيها أحيانا تداخل مشاعر اليأس والأمل وهذا طبيعي بحكم الوضع الراهن للبلد إلا أن رفضه في النهاية يوصل الى الأمل ويحدد المطلوب، ويرنو الى الصلاح،فالرفض عنده يشكل معطى من معطيات الحياة الإنسانية الكريمة التي تبوح بالمعاناة وتنفض العذابات وتنبذ الواقع المأساوي المرير وتدعو الى كسر القيود التي تكبل الإنسان.
 ويتجلى الرفض في مجموعته الشعرية ( للجدران كراهية للغيم أظافر) بشتى دلالاته فنجد الرفض النفسي والرفض الديني والرفض السياسي والرفض الأخلاقي والرفض الاجتماعي مما شكل سيكولوجية خاصة بالشعر، ومن نماذج الرفض السياسي :
" السلطة حيوان"
السلطة حيوان مفترس
تبتلع أحلامنا
لم تكن يوماً ناصحة
حكيمة
ودودة 
مشحونة دوماً بالكراهية
تقيم السجون 
تهد المدارس
وطنها امتيازات وسلال
أكاذيب
 هكذا يرفض الشاعر سلطة الحكومات ، وما تذيقه لأبناء الشعب من مرار فيشبهها بالحيوان المفترس الذي يبتلع أحلام الناس ، فلا واقع يتذوق فيه الفرد طعم الراحة والأمان ولاحلم يأمل تحقيقه ، فكل ما يهم الساسة هو السيطرة على مقدرات البلد والسلب والنهب والدمار.
وفي إطار الرفض النفسي نجد الشاعر يقول:
" حياة"
حياتي زحام حرائق
ودخان مغامرات
ترسم للعصافير أوطاناً
شموسها لا تغيب 
ربما أجنحة الحلم
داخلها الجنون
ربما كسرنا رتابة الزمن
حطمنا جداول المواعيد
 يعكس الشاعر في هذا النص ما مر به من تجارب ومغامرات وأحزان ومآسي تارة ألمته وقهرته وانتصرت عليه وتارة أخرى رفضها وانتصر عليها وحولها الى انطلاقات نحو الأمل والحياة.
أما في إطار الرفض الاجتماعي فنراه يقول:
" تمرد"
لأنها أصيلة 
تمردت على قانون القبيلة
تقاتل بأصابعها العشرة
كل الوصايا 
التي تبقي النساء سبايا
 في هذا النص يسلط الشاعر الضوء على قضية خطيرة يعاني منها المجتمع ألا وهي تسلط القوانين العشائرية ولاسيما تسلطها على النساء فيرفض هذا الأمر ويقدم صورة الفتاة التي تمردت على تلك القوانين القبلية وتلك الوصايا التي حولت المرأة الى سبية.
ومن نماذج الرفض الديني قول الشاعر:
"شجار"
مشاعر تتشاجر في البلاد
بين طهر ودعارة
تتشظى..
نيران من الأسئلة 
ماهو الطهر ؟!
مامعنى الدعارة؟!
*****
الملتحون باعونا..
أباطرة الفساد عفن يأكل موائدنا
يعطب خبز أيامنا
يتركنا للريح يذرونا
 إن الشاعر بكل جرأة يعالج قضية خطيرة وهو الازدواجية التي يتسم بها بعض مدعي الدين والتدين ،فيصف هؤلاء الأشخاص ( الملتحون) ويصور مدى زيفهم وغدرهم وإجرامهم ، فالدين عندهم غطاء يستترون خلفه لتبرير سلوكهم وانحلالهم وعهرهم حتى غدا لافرق بين الطهر والدعارة! مادام المجرمون لبسوا زي الدين ورفعوا شعاراته.
 كانت هذه رحلة مع تجربة الشاعر مؤيد عبد الزهرة سلطنا الضوء فيها على سمة( الرفض ) في نصوصه الشعرية التي تمردت على الواقع وثارت عليه ، وعلى تسلط الساسة الفاسدين على رقاب الشعب الجريح ، داعية الى الإنبعاث والأمل والتجدد

تعليقات

المشاركات الشائعة